تعلم الآلة machine learning هو أحد الدعائم الأساسية لتكنولوجيا المعلومات على مدار العقدين الماضيين، وبات اليوم جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. فمع توفر كميات متزايدة من البيانات أصبح هناك سببٌ وجيهٌ للاعتقاد بأن التحليل الذكي للبيانات سيكون أكثر انتشارًا وأهميةً كمكون أساسي للتقدم التكنولوجي.
في المقالة السابقة قدمنا دليلًا شاملًا لبدء تعلم الذكاء الاصطناعي وفي هذه المقالة والتي تعتبر جزءًا من سلسلة مقالات عن الذكاء الصناعي بدأناها مع مقال مقدمة شاملة عن الذكاء الاصطناعي نُضيء لك الطريق ونقدم لك دليلًا شاملًا للبدء بتعلم وفهم تعلم الآلة والتعرف على أهم المصطلحات المرتبطة بهذا التخصص.
ملاحظة: إن لم يكن لديك معرفة مسبقة بمجال الذكاء الصناعي وفروعه وأساسياته، سيكون من الأفضل أن تقرأ مقال "مقدمة شاملة عن الذكاء" من هذه السلسلة على الأقل التي أشرت إليها للتو.
ما المقصود بتعلم الآلة؟
تعلم الآلة Machine learning أو ما يعرف اختصارًا ML هو مصطلح تقني يعني استخدام مجموعة من التقنيات والأدوات التي تساعد أجهزة الحاسوب والآلات الذكية عمومًا على التعلم والتكيف من تلقاء نفسها.
لقد نشأ علم التعلم الآلي عندما بدأ علماء الحاسوب بطرح الأسئلة التالية:
- نحن البشر نتعلم من التجارب السابقة أما الآلات فهي تفعل ما نمليه عليها فقط فهل يمكن أن نتمكن من تدريب هذه الآلات كي تتعلم من البيانات والخبرات السابقة وتحاكي طريقة تفكيرنا وتتمكن من التعلم والفهم والاستنتاج دون تدخلنا؟
- هل يمكن للحواسيب أن تفعل ما نفعله وبالطريقة التي نريدها، وأن تتعلم من تلقاء نفسه كيفية أداء مهمة محددة؟
- هل يمكن للحواسيب والآلات أن تفاجئنا وتتعلم من خلال البيانات من تلقاء نفسه بدلًا من قيام المبرمجين بصياغة قواعد معالجة البيانات لها بشكل يدوي؟
كل هذه التساؤلات فتحت الباب أمام نموذج برمجة بديل عن أسلوب البرمجة الكلاسيكية التي يُدخل فيها البشر القواعد ضمن برامج حاسوبية ويحددون بدقة البيانات التي يجب معالجتها وفقًا لهذه القواعد ويكون الخرج إجابات محددة ناتجة عن عمليات المعالجة.
في نموذج البرمجة الجديد هذا الذي سمي تعلم الآلة أصبح بمقدور البشر إدخال البيانات للحاسوب بالإضافة إلى الإجابات المتوقعة وفقًا للبيانات، ويكون الخرج هو القواعد التي تم استنتاجها بشكل برنامج أو ما يُسمى بالنموذج model ثم يمكن بعد ذلك تطبيق هذه القواعد على البيانات الجديدة لإنتاج الإجابات.
بمعنى آخر نظام التعلم الآلي يُدرّب بدلًا من برمجته صراحةً، حيث تقدّم له العديد من عينات البيانات المتعلقة بالمهمة المطلوبة، ليكتشف بنية إحصائية في هذه العينات تربط المدخلات بالمخرجات (البيانات بالإجابات) وتسمح في النهاية للنظام بالوصول إلى قواعد لأتمتة المهمة.
على سبيل المثال إذا عرضنا على الحاسوب مجموعات ثنائية من الأرقام كالتالي (2 , 4) و (3 , 6) و (4 , 9) ثم طلبنا منه بناء على هذه المعطيات أن يتنبأ بالرقم الذي يجب أن يأتي مع الرقم 5 فسوف يحتاج في بداية الأمر إلى إيجاد المنطق بين مجموعات البيانات التي مررناها له وتطبيق نفس المنطق للتنبؤ بالرقم الجديد، عملية العثور على هذا المنطق يسمى تعلم الآلة وبعد إيجاد هذا المنطق سنتمكن من تطبيقه للتنبؤ بكل رقم جديد.
و إذا كنت ترغب بأتمتة عملية تخمين أسعار المنازل -يمكنك إعطاء نظام التعلم الآلي مجموعة من العينات التي تمثّل مواصفات المنازل (بيانات) مع أسعارها (إجابات)، وسيتعلم النظام القواعد الإحصائية اللازمة لربط المواصفات بالأسعار.
على الرغم من أن التعلم الآلي بدأ في الازدهار بدءًا من التسعينيات، إلا أنه سرعان ما أصبح المجال الفرعي الأكثر شعبية والأكثر نجاحًا في الذكاء الصناعي.
تعريف تعلم الآلة؟
هناك العديد من التعاريف الخاصة بتعلم الآلة نذكر منها أهم تعريفين:
-
تعريف آرثر صامويل 1959: "تعلم الآلة هو المجال الدراسي الذي يمنح أجهزة الحاسب القدرة على التعلم دون برمجتها صراحةً من قبل البشر"
-
تعريف توم ميتشل: "تعلم الآلة هو دراسة خوارزميات الحاسوب التي تحسن أدائها تلقائيًا من خلال التجربة ويقال أَنَّ برنامجا حاسوبيًا يتعلَّم من الخبرة E التي تخص بمجموعة من المهام T بالنسبة إِلى مقياس الأداء P إذا تحسن أداءه على إنجاز المهام T بعد اكتساب الخبرة E بالمقدار P"
على سبيل المثال في مجال لعب الشطرنج تكون الخبرة E هي عدد مرات اللعب ضد الحاسب و T هي مهمة لعب الشطرنج ضد الحاسب والمعيار P هو فوز/خسارة الحاسب.
ويمكننا القول بتعريف بسيط أن تعلم الآلة مجال من مجالات الذكاء الصناعي يحاول بناء آلات قادرة على التعلّم من تلقاء نفسها.
الفرق بين الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة
يميل معظم الناس إلى استخدام مصطلحي الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة كمرادفين ولا يعرفون الفرق، إلا أن هذين المصطلحين هما في الواقع مفهومان مختلفان، فتعلم الآلة هو في الواقع جزء من الذكاء الاصطناعي أو أحد أنواع الذكاء الاصطناعي ويمكن القول أن الذكاء الاصطناعي هو مجال واسع من الموضوعات، ويشكل تعلم الآلة جزء صغير من هذه الموضوعات.
يشير الذكاء الاصطناعي إلى القدرة العامة لأجهزة الحاسب على محاكاة الفكر البشري وأداء المهام في بيئات العالم الحقيقي، بينما يشير التعلم الآلي إلى التقنيات والخوارزميات التي تمكّن الأنظمة من تحديد طريقة لتعلّم الأنماط المخفيّة في البيانات واتخاذ القرارات وتحسين نفسها من خلال التجربة والبيانات.
أهمية تعلم الآلة
قد تتساءل عن أهمية مجال تعلم الآلة في عصرنا الحالي وللإجابة على هذا السؤال يمكننا تقسيم الإجابة إلى شقين الأول أهمية تعلم الآلة بالنسبة للمؤسسات وتطور الحياة عمومًا، والثاني أهميته بالنسبة لبقية فروع الذكاء الصناعي و الفروع ذات الصلة.
بالنسبة للشق الأول، فالبيانات هي شريان الحياة لجميع قطاعات الأعمال وقد باتت القرارات التي تعتمد على البيانات تصنع الفارق وتشكل الفصل بين مواكبة المنافسة أو التخلف عن الركب. التعلم الآلي هو مفتاح إطلاق العنان لقيمة بيانات الشركات والعملاء واتخاذ القرارات التي تجعل الشركة في صدارة المنافسة.
إذًا يعتبر التعلم الآلي مهمًا لأنه يمنح المؤسسات بمختلف أنواعها وجهة نظر حول اتجاهات وسلوك العملاء وأنماط تشغيل الأعمال فضلًا عن دعم عملية تطوير منتجات جديدة كما أنها تساعد في أمور أخرى مثل اكتشاف الأمراض وتوقعات الطقس …إلخ. وتستخدم العديد من الشركات الرائدة اليوم مثل فيسبوك Facebook وجوجل Google وأوبر Uber التعلم الآلي كجزء أساسي من عملياتها.
بالنسبة للشق الثاني، ففروع الذكاء الصناعي الأخرى مثل معالجة اللغات الطبيعية أو الفروع ذات الصلة كالرؤية الحاسوبية لم تبصر النور إلا بعد التطورات الأخيرة التي شهدها تعلم الآلة الذي شكَّل ركيزة أساسية في تطور معظم فروع الذكاء الصناعي.
على سبيل المثال تعد تطبيقات التعرف على الكائنات أو تتبعها أو تصنيف الأشياء قضايا شائعة في الرؤية الحاسوبية، وهي تعتمد بشكل شبه مطلق على خوارزميات التعلم العميق والأمر ذاته ينطبق على معالجة اللغات الطبيعية.
البيانات وتعلم الآلة
البيانات هي وقود التعلم الآلي، فبدون البيانات ستكون خوارزميات التعلم الآلي جائعة وضعيفة الأداء وستفشل في حل أي مشكلة بشكل صحيح. وبعض خوارزميات التعلم الآلي مثل خوارزميات التعلم العميق لا تشبع، وكلما زودتها بالبيانات ونوّعتها لها كلما ازدادت قوتها وقدراتها وتحسن أداؤها.
وتجدر الإشارة هنا لأن الأمر لا يتعلق بزيادة حجم البيانات وكميتها فقط بل يتعلق كذلك بدقة البيانات وجودتها وتنوع حالات استخدامها للحصول على نتائج صحيحة ودقيقة.
وفيما يلي نوضح أهم النقاط الأساسية المتعلقة بالبيانات والمرتبطة بالتعلم الآلي:
- هناك نوعان أساسيان للبيانات المستخدمة في التعلم الآلي: بيانات مُسماة labeled وغير مسماة unlabeled على سبيل المثال إذا كان المطلوب هو التنبؤ بعمر شخص ما فإن العمر هنا يعد من البيانات المسماة في حين أن البيانات غير المسماة لا تحتوي على أي سمة مميزة.
- تسمى خوارزميات تعلم الآلة التي تتعامل مع مجموعة بيانات مسماة خوارزميات التعلم الخاضع للإشراف في حين تسمى خوارزميات تعلم الآلة التي تستخدم مجموعة بيانات غير مسماة خوارزميات التعلم غير الخاضع للإشراف وسنشرح المزيد عن هذه الأنواع من التعلم الآلي في فقرة لاحقة.
- عادةً ما تكون البيانات المستخدمة في التعلم الآلي عددية Numerical أو فئوية Categorical. تتضمن البيانات العددية القيم التي يمكن ترتيبها وقياسها مثل العمر أو الدخل، وتتضمن البيانات الفئوية القيم التي تمثل الفئات، مثل الجنس أو نوع الفاكهة.
- يمكن تقسيم البيانات إلى مجموعات تدريب Training ومجموعات مراقبة أو تحقق Validation ومجموعات اختبار Testing حيث تُستخدم مجموعة بيانات التدريب لتدريب النموذج، وتُستخدم مجموعة المراقبة لمراقبة سير عملية التدريب وتعلّم النموذج وأخيرًا تُستخدم مجموعة الاختبار للتقييم النهائي لأداء النموذج.
- تعد المعالجة المسبقة للبيانات خطوة مهمة في تعلم الآلة حيث يتم من خلالها تنظيف البيانات ومعالجة القيم المفقودة والشاذة وهندسة الميزات.
- هناك فرق بين البيانات والمعلومات والمعرفة، فالبيانات يمكن أن تكون أي حقيقة أو قيمة أو نص أو صوت أو صورة غير معالجة لم تُفسّر أو تحلل أما المعلومات فهي البيانات بعد تفسيرها ومعالجتها. أي أنها شكل متطور للبيانات ذو فائدة ومعنى أكبر والمعرفة هي المرحلة الأكثر تطورًا والمتمثلة بالوعي والفهم والإدراك للمعلومات.
تطبيقات تعلم الآلة
للتعلم الآلي تطبيقات في جميع أنواع الصناعات وفي حياتنا اليومية عمومًا، يتضمن ذلك التصنيع والتجارة بالتجزئة والرعاية الصحية وعلوم الحياة والسفر والضيافة والخدمات المالية والطاقة والمواد الأولية والمرافق. بما أن تعلم الآلة يندرج تحت مظلة الذكاء الاصطناعي، فإن تطبيقات تعلم الآلة تدخل ضمن أي تطبيق ذكاء اصطناعي وقد تحدثنا عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مقال تطبيقات الذكاء الاصطناعي لذا يمكنك الرجوع إليه.
تشمل بعض حالات الاستخدام لمجال تعلم الآلة:
- التعرّف على الصور
- التعرف على الكلام
- التصنيف والتنبؤ
- الآلات والروبوتات الذكية -السيارات ذاتية القيادة
- التجارة الإلكترونية
- الأمان واكتشاف التزوير أو الاحتيال -الترجمة الآلية والخدمات المالية …إلخ.
يُستخدم التعلم الآلي في العديد من المجالات الأخرى والتي قد لا يسعنا ذكر جميعها هنا. كما أن معظم تطبيقات الذكاء الصناعي اليوم تعتمد بشكل كامل على خوارزميات تعلم الآلة.
وفي الفيديو التالي ستتعرف على المزيد من المعلومات حول معنى تعلم الآلة وأهدافها والمكونات الرئيسية لأي نظام معتمد على تعلم الآلة وأمثلة منوعة على التطبيقات المستخدمة في هذا المجال.
أنواع تعلم الآلة
ينقسم تعلم الآلة إلى أربعة أنواع أساسية أو مجالات أساسية بناءً على نوع البيانات المستخدمة وأسلوب التعلم المتبع وهذه الأنواع هي:
- التعلم الخاضع للإشراف Supervised learning
- التعلم غير الخاضع للإشراف UnSupervised learning
- التعلم شبه الخاضع للإشراف Semi-Supervised Learning
- التعلم المُعزز Reinforcement Learning
يحاكي كل نوع من هذه الأنواع الطرق والأساليب المختلفة التي تتخذ بها نحن البشر قرارتنا وإليك شرحًا مفصلًا لكل نوع من بين هذه الأنواع.
1. التعلم الخاضع للإشراف Supervised learning
هو أحد أكثر أنواع التعلم الآلي شيوعًا ونجاحًا. في هذا النوع تُعطى الخوارزمية مجموعةً من البيانات بالإضافة إلى الخرج الصحيح لها. أي أن الخوارزمية تُدرّب على مجموعةً بيانات مُسماة.
مبدأ عمل الخوارزميات التي تنتهج هذا النهج هو: الحصول على مجموعة بيانات مُسماة، ثم تدريب النموذج على إيجاد علاقة أو دالة function تربط بين المدخلات والمخرجات. إذًا يمكننا القول أن هذا النهج يُستخدم عندما نريد بناء نموذج يتنبأ (كلمة يتنبأ هنا تشمل التصنيف أيضًا) بنتيجة معينة في ضوء مدخلات معينة ويتطلب تعلم الآلة الخاضع للإشراف جهدًا بشريًا لبناء مجموعة التدريب المناسبة.
هناك نوعان رئيسيان من مشكلات التعلم الآلي الخاضعة للإشراف هما التصنيف Classification والتوقع Regression. يكون الهدف في حالة التصنيف هو التنبؤ بتسمية فئة من قائمة محددة مسبقًا من الفئات. المثال الذي ورد في الفقرة السابقة هو خير مثال على ذلك، حيث نُدرّب الخوارزمية على التمييز بين فئتين أو نوعين من الفاكهة هما البرتقال والتفاح.
التصنيف بدوره يُقسم إلى نوعين أساسيين هما: التصنيف الثنائي Binary Classification والتصنيف المتعدد Multiclass-Classification. يحدث التصنيف الثنائي عندما يكون لدينا فئتين من البيانات كما في مثال البرتقال والتفاح، مثال آخر هو تصنيف رسائل البريد الإلكتروني على أنها بريد عشوائي أو بريد حقيقي أما التصنيف المتعدد فهو يحدث عندما يكون لدينا أكثر من فئتين (مثلًا لو كان المطلوب جعل النموذج سالف الذكر يميز بين 3 أنواع من الفاكهة هي البرتقال والتفاح والموز.
بالنسبة لمهام التوقع، فإن الهدف يكون توقع قيمة من مجال غير محدد وخير مثال على ذلك هو توقع أسعار المنازل أو توقع الدخل السنوي للفرد بناءًا على مستواه التعليمي وعمره ومكان إقامته فسعر المنازل أو الدخل السنوي يمكن أن تكون أي قيمة ضمن مجال ما.
2. التعلم غير الخاضع للإشراف UnSupervised learning
في هذا النوع من أنواع تعلم الآلة تُعطى الخوارزمية مجموعةً من البيانات بدون الخرج الصحيح لها، أي أن الخوارزمية تُدرّب على مجموعةً بيانات غير مُسماة.
مبدأ عمل الخوارزميات التي تنتهج هذا النهج هو: الحصول على مجموعة بيانات غير مُسماة، ثم تدريب النموذج على إيجاد علاقات مخفيّة بين هذه المُدخلات.
هناك نوعان أساسيين من الخوارزميات التي تنتهج هذا النهج هما خوارزميات التحويل Transformation وخوارزميات العنقدة أو التجميع Clustering.
تُنشئ خوارزميات التحويل تمثيلًا جديدًا للبيانات قد يكون من الأسهل على البشر أو خوارزميات التعلم الآلي الأخرى فهمه مقارنةً بالتمثيل الأصلي للبيانات.
بالنسبة للنوع الآخر المتمثل بخوارزميات العنقدة، فهي تعتمد على تقسيم البيانات إلى مجموعات مميزة من العناصر المتشابهة. خذ مثلًا عملية تحميل الصور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي كمثال، هنا قد يرغب الموقع في تجميع الصور التي تُظهر الشخص نفسه مع بعضها بغية تنظيم صورك إلا أن الموقع لا يعرف من يظهر في الصور ولا يعرف عدد الأشخاص المختلفين الذين يظهرون في مجموعة الصور خاصتك.
تتمثل الطريقة المنطقية لحل المشكلة في استخراج كل الوجوه وتقسيمها إلى مجموعات من الوجوه المتشابهة، وبعدها يتم وضع كل صورة جديدة تحملها في المجموعة الأكثر شبهًا لها ومن أشهر خوارزميات العنقدة نذكر خوارزمية K-means.
التعلم شبه الخاضع للإشراف Semi-Supervised Learning
تحدثنا سابقًا عن أهمية البيانات، وأنّه كلما زاد حجم البيانات التي نُدرّب النموذج عليها تزداد قوته، ولاسيما بالنسبة خوارزميات التعلم العميق التي تنتهج النهج الخاضع للإشراف والتي تعتمد على البيانات المُسماة.
نشأ التعلم شبه الخاضع للإشراف من السؤال التالي: ماذا لو لم يكن لدينا ما يكفي من البيانات المُسماة لخوارزميتنا التي تنتهج المنهج الخاضع للإشراف؟
قد يخطر ببالك في هذه الحالة محاولة تسمية البيانات يدويًا لكن هذا ليس مضيعة للوقت فقط لكنه أيضًا عرضة للعديد من أنواع الأخطاء البشرية الحل البديل الجديد هو استخدام التعلّم شبه الخاضع للإشراف وهو مزيج من التعلم الخاضع للإشراف والتعلم غير الخاضع للإشراف فهو يستخدم البيانات غير المسماة (والتي تكون كثيرة) والبيانات المسماة (والتي تكون قليلة) معًا، لإنشاء تقنيات تعلم أفضل من تلك التي تُنشأ باستخدام البيانات غير المسماة فقط أو المسماة فقط.
التعلم المعزز Reinforcement Learning
في هذا النوع من تعلم الآلة ابتكر المطورون طريقة لمكافأة السلوكيات المرغوبة ومعاقبة السلوكيات السلبية للآلة حيث يعتمد التعلم المُعزز على التعلم من خلال التفاعل مع البيئة أي أن الخوارزمية أو الروبوت أو البرنامج والذي يسمى في هذه الحالة الوكيل "agent" يتعلم من من عواقب أفعاله بدلًا من تعليمه صراحةً.
فالوكيل يختار أفعاله وقرارته المستقبلية على أساس تجاربه السابقة (الاستغلال) وأيضًا من خلال الخيارات الجديدة (الاستكشاف) أي أن التعلم يرتكز على مبدأ التجربة والخطأ ويتعلق الأمر باتخاذ الإجراءات المناسبة لزيادة المكافأة إلى أقصى حد في موقف معين.
يتطلب التعلم المعزز عددًا كبيرًا من التفاعلات بين الوكيل والبيئة لجمع البيانات للتدريب ويستخدم في مجال الألعاب حيث تعد الألعاب من أبرز مجالات استخدام التعلم المعزز فهو قادر على تحقيق أداء خارق في العديد من الألعاب مثل لعبة Pac-Man.
ومن الأمثلة على استخدامه هو تدريب السيارات على التوقف باستخدام نظام القيادة الآلي حيث يتم تعليم حاسوب السيارة أو الوكيل على الوقوف في المكان الصحيح من خلال قراءة بيانات أجهزة استشعار مثل الكاميرات ونظام تحديد المواقع GPS واتخاذ الإجراءات المناسبة مثل الضغط على الفرامل وتغيير الاتجاه ويحتاج الوكيل بالطبع إلى إيقاف السيارة مرارًا وتكرارًا باستخدام التجربة والخطأ ويتم تقديم إشارة مكافأة لتقييم جودة التجربة وتعزيز عملية التعلم.
نماذج تعلم الآلة
لقد وصل التعلم العميق وهو نوع متقدم من أنواع تعلم الآلة إلى مستوى من الاهتمام العام والاستثمار الصناعي لم يسبق له مثيل في تاريخ مجال علوم الحاسوب ولكنه ليس أول شكل أو نموذج ناجح للتعلم الآلي ويمكننا القول إن معظم خوارزميات التعلم الآلي المستخدمة في الصناعة هذه الأيام -ليست خوارزميات التعلم العميق.
يوفر مجال تعلم الآلة العديد من النماذج machine learning models أشهرها التعلم العميق لكن في الواقع لا يعد التعلم العميق دائمًا الأداة المناسبة، ففي بعض الأحيان لا توجد بيانات كافية ليكون التعلم العميق قابلاً للتطبيق، ويفضل أن تُحلّ المشكلة بطريقة أفضل من خلال خوارزمية مختلفة وفيما يلي نوضح أهم أنواع طرق تعلم الآلة:
- النمذجة الاحتمالية Probabilistic modeling
- أساليب النواة Kernel Methods
- أشجار القرار Decision Trees والغابات العشوائية Random Forests
- الشبكات العصبية Neural Networks
- التعلم العميق Deep Learning
لنتعرف على قرب على كل نموذج من هذه النماذج وأشهر استخداماته وخوارزمياته.
النمذجة الاحتمالية Probabilistic modeling
تعتمد النمذجة الاحتمالية على تطبيق مبادئ الإحصاء في تحليل البيانات. لقد كانت أحد أقدم أشكال التعلم الآلي، والتي لا تزال مستخدمة حتى يومنا هذا واحدة من أشهر الخوارزميات في هذه الفئة هي خوارزمية بايز الساذج Naive Bayes.
أساليب النواة Kernel Methods
عندما بدأت الشبكات العصبية تكتسب شهرة بين الباحثين في التسعينيات ظهر نهج جديد للتعلم الآلي سمي أساليب النواة وسرعان ما أدى لتراجع شعبية الشبكات العصبية، وأساليب النواة هي مجموعة من خوارزميات التصنيف، وأشهرها خوارزمية الآلة متجه الدعم (SVM).
أشجار القرار Decision Trees والغابات العشوائية Random Forests
هي إحدى طرق النمذجة التنبؤية التي تُستخدم في الإحصاء واستخراج البيانات وتعلم الآلة وهي عبارة عن هياكل شبيهة بالمخططات التدفقية تتيح لك تصنيف نقاط البيانات المُدخلة أو التنبؤ بقيم المخرجات بناءًا على البيانات المُدخلة مثلًا تعطيها مواصفات المنزل، فتتوقع السعر وقد تم تفضيلها على أساليب النواة.
الشبكات العصبية Neural Networks
حتى عام 2010 تقريبًا، كانت الشبكات العصبية مُهمّشة إلى أن بدأ عدد من الباحثين الذين كانوا ما يزالون يؤمنون بالشبكات العصبية في تحقيق نتائج مهمة باستخدامها، وبذلك بدأت التطورات على الشبكات العصبية تتسارع وتفرض هيمنتها في معظم مهام تعلم الآلة.
التعلم العميق Deep Learning
السبب الرئيسي وراء انتشار التعلم العميق وتطوره بسرعه هو أنه قدّم أداءً أفضل في العديد من المشكلات واختصر العديد من الخطوات المعقدة التي كانت موجودة في الأساليب السابقة، والتعلم العميق اليوم هو الأسلوب الأنجح في جميع المهام الحسية أو الإدراكية مثل مهام الرؤية الحاسوبية ومعالجة اللغات الطبيعية NLP.
وللتعرف على المزيد من الأساليب المتطورة لخوارزميات وأدوات التعلم الآلي يمكنك إلقاء نظرة على مسابقات التعلم الآلي على موقع Kaggle نظرًا لبيئتها شديدة التنافس (بعض المسابقات لديها آلاف المشاركين وجوائز بملايين الدولارات) وللتنوع الكبير في مشكلات التعلم الآلي التي تغطيها.
لغة بايثون وتعلم الآلة
تعد لغة البرمجة بايثون اللغة الأكثر شهرة في مجال تعلم الآلة لعدد كبير من الأسباب فهي لغة سهلة التعلم والفهم و ولها شعبية كبيرة وتستخدم من قبل عدد كبير من الأشخاص والمؤسسات وتملك العديد من المكتبات وأطر العمل التي تختص في مجال الذكاء الصنعي وتعلم الآلة
فيما يلي سنكتب كود تعلم آلة في بايثون، حيث سنستخدم خوارزمية أشجار القرار لتوقع نوع الفاكهة (برتقال أو تفاح) بناءًا على وزنها ونسيجها.
from sklearn import tree # الخطوة 1 # الخطوة 2 X = [[140, 1], [130, 1], [150, 0], [170, 0]] y = [0, 0, 1, 1] # 0: apple, 1: orange # الخطوة 3 clf = tree.DecisionTreeClassifier() clf = clf.fit(X, y) # الخطوة 4 prediction = clf.predict([[160, 0]]) print(prediction) # النتيجة: 1
شرح تنفيذ الشيفرة:
- الخطوة الأولى: هي استيراد المكتبة ساي كيت ليرن sklearn التي تحتوي العديد من خوارزميات تعلم الآلة الجاهزة.
- الخطوة الثانية: هي تحديد بيانات التدريب. هنا سيكون لدينا 4 عينات، كل عينة تُمثّل نقطة بيانات
- الخطوة الثالثة: هي تدريب خوارزمية أشجار القرار على البيانات السابقة الهدف هنا هو جعل الخوارزمية قادرة على التنبؤ بنوع الفاكهة بعد أن ندربها على البيانات السابقة.
- الخطوة الرابعة: بعد الخطوة 3 نكون انتهينا من تدريب النموذج، أي أنه أصبح جاهزًا للاستخدام الفعلي. لذا نعطيه عينة بيانات، ونطلب منه توقع نوع الفاكهة.
إذا كنت مهتمًا بإتقان تعلم الآلة باستخدام لغة البرمجة بايثون يمكنك البدء مع دورة تطوير التطبيقات باستخدام لغة Python الشاملة التي توفرها أكاديمية حسوب والتي تبدأ معك من الصفر ولا تتطلب منك أي خبرة مسبقة فهي تبدأ معك بتعلم أساسيات بايثون ثم تشرح لك بمسار كامل أساسيات تعلم الآلة مع تطبيقات عملية عليه معد من قبل مجموعة من المطورين المُختصين، الذين يُرافقونك طيلة الدورة وحتى بعد الدورة للإجابة على أي سؤال أو مشكلة تواجهك كما تضمن لك الدورة دخول السوق والحصول على فرصة عمل بعد تخرجك من الدورة خلال ستة أشهر.
مصادر تعليمية لتعلم الآلة
بالإضافة إلى دورة بايثون الشاملة التي ذكرناها للتو والتي تعد من أفضل الدورات العربية لتعلم بايثون وتعلم الآلة، توفر توفر لك أكاديمية حسوب أيضًا مجموعة من المقالات والدروس التعليمية ومنشورات الكتب العربية التي تعد من أفضل مصادر تعلم الآلة وتعلم البرمجة وعلوم الحاسوب نذكر لك منها:
- كتاب البرمجة بلغة بايثون
- كتاب مدخل إلى الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة
- كتاب عشرة مشاريع عملية عن الذكاء الاصطناعي
- سلسلة برمجة الذكاء الاصطناعي
- المفاهيم الأساسية لتعلم الآلة
- نظرة سريعة على مجال تعلم الآلة
- أدوات برمجة نماذج تعلم الآلة
ننصحك بتفصّح ومتابعة قسم مقالات الذكاء الاصطناعي في أكاديمية لقراءة المقالات الجديدة المنشورة حول الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وما يتعلق بهما.
أفضل مكتبات تعلم الآلة في بايثون
إليك قائمة بأهم المكتبات التي قد تحتاجها في تعلّم الآلة (جميعها تعمل في لغة بايثون):
- نمباي Numpy: من أفضل مكتبات بايثون في مجال تعلم الآلة والذكاء الصناعي فهي مكتبة قوية وشائعة الاستخدام تسهل معالجة المصفوفات والتعامل معها وتسهل عمليات معالجة البيانات والعمليات الإحصائية عليها.
- سي باي Scipy: توفر هذه المكتبة مجموعة من الحزم المخصصة للاستخدام في مجال للحوسبة العلمية والهندسة والتقنية وتحتوي على وحدات مختلفة للجبر الخطي والتكامل والإحصاءات.
- ساي كيت ليرن Scikit-learn: اختصارًا Sklearn وهي مكتبة فعالة توفر العديد من أدوات وخوارزميات تعلم الآلة.
- باندا Pandas: هي مكتبة تستخدم لمعالجة البيانات وتحليلها وتسهل عمليات تنظيم البيانات وفهرستها ووضعها ضمن جداول وإجراء العمليات عليها.
- ماتبلوتليب Matplotlib: هي مكتبة بايثون خاصة بتصميم الرسوميات والمخططات البيانية وإنشاء رسومات تفاعلية وتصديرها إلى تنسيقات مختلفة.
- إضافة للعديد من أطر العمل القوية مثل ثيانو Theano وتنسرفلو TensorFlow وكيراس Keras وباي تورش PyTorch التي تسهل بناء نماذج الشبكات العصبية وتطبيق خوارزميات التعلم العميق.
مستقبل تعلم الآلة
بالرغم من أن خوارزميات تعلم الآلة كانت موجودة منذ عقود إلا أنها اكتسبت شعبية أكبر مع تنامي الذكاء الاصطناعي فمعظم تطبيقات الذكاء الصناعي المتقدمة التي نراها اليوم هي تطبيقات تعمل باستخدام خوارزميات تعلم الآلة (لاسيما التعلم العميق) بدءًا من خوارزميات التوصية التي نراها في موجز أخبار فيسبوك وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي والتي تعتمد على اهتماماتنا وعاداتنا في القراءة وصولًا السيارات ذاتية القيادة مثل سيارات تسلا Tsla ومعالجة اللغات الطبيعية مثل تطبيق الدردشة ChatGPT.
كما تندمج الحلول التي يقدمها تعلم الآلة يومًا بعد يوم في العمليات الأساسية للشركات واستخدامات حياتنا اليومية مثل الترجمة الآلية للغات والتشخيص الطبي البحث الصوتي والبحث عن أقصر الطرق للوصول إلى وجهة ما وغيرها الكثير من التطبيقات ومن المتوقع أن ينمو السوق العالمي للتعلم الآلي من 8.43 مليار دولار أمريكي في عام 2019 إلى 117.19 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027 وفقًا لتوقع Fortune Business Insights.
وقد بدأت العديد من الشركات بالفعل في استخدام خوارزميات التعلم الآلي نظرًا لقدرتها على إجراء تنبؤات وقرارات تجارية أكثر دقة ففي عام 2020 تم رصد 3.1 مليار دولار لتمويل شركات تعلم الآلة، وذلك لقدرة تعلم الآلة على إحداث تغييرات كبيرة في الصناعات.
فيما يلي بعض التوقعات لمستقبل التعلم الآلي:
-
يمكن للحوسبة الكمية أن تحدد مستقبل تعلم الآلة: والحوسبة الكمومية هي أحد المجالات التي لديها القدرة على تعزيز قدرات التعلم الآلي وهي تسمح بأداء عمليات متعددة الحالات في وقت واحد، مما يتيح معالجة أسرع للبيانات ففي عام 2019 أجرى معالج كمي خاص بشركة جوجل Google مهمة في 200 ثانية من شأنها أن تستغرق 10000 عام لإكمالها على أفضل حاسب عملاق في العالم!
-
قد يتمكن برنامج AutoML من تسهيل عملية تطوير نماذج تعلم الآلة من البداية إلى النهاية: يعمل AutoML الذي طورته جوجل على أتمتة عملية بناء وتطبيق خوارزميات التعلم الآلي وهو يسمح لأي شخص أو شركة تجارية بتطبيق نماذج وتقنيات التعلم الآلي المعقدة وتخصيصها وفق احتياجات أعمالهم خلال دقائق دون أن يكون خبيرًا في التعلم الآلي.
-
دخول تعلم الآلة بقوة في عملية التصنيع: لا زالت الشركات المصنعة ما زالت في المراحل الأولى فقط من تبني التعلم الآلي. ففي عام 2020 استفادت 9٪ فقط من الشركات المشاركة في استطلاع رأي حول استخدام الذكاء الاصطناعي في عملياتهم التجارية، لكن مع التطورات المستمرة التي نشهدها في مجال تعلم الآلة يتوقع أن تزداد هذه النسبة بشكل كبير ويصبح الاعتماد على استخدام تقنيات تعلم الآلة والروبوتات في أماكن التصنيع أكثر بكثير في المستقبل القريب.
-
السيارات والمركبات ذاتية القيادة: تعمل شركات مثل تسلا وهوندا باستمرار على إنتاج هذا النوع من السيارات مستفيدة من تقنيات التعلم الآلي، وقد قدمت هذه الشركات بالفعل سيارات مؤتمتة جزئيًّا لكن لا تزال السيارات ذاتية القيادة قيد التطوير ولم تصل إلى الشكل النهائي.
الخلاصة
قدمنا من خلال هذه المقالة دليلًا شاملًا عن تعلم الآلة وبدأنا بتوضيح المفهوم نفسه وأنواع التعلم الآلي وتطبيقاته والفروقات بينها والفرق بين التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، كما تعرفنا على أهمية لغة البرمجة بايثون في مجال التعلم الآلي وسردنا أهم المكتبات وأطر العمل التي توفرها في مجال التعلم الآلي وقدّمنا مثلًا برمجيًا لتطبيق خوارزمية الانحدار اللوجستي كما سردنا أهم المصادر والمراجع لتعلم مجال الذكاء الاصطناعي عمومًا وتعلم الآلة خصوصًا ثم ألقينا نظرة أخيرًا على مستقل مجال تعلم الآلة.
نرجو أن تكون هذه المقالة قد قدمت لك فهمًا جيّدًا لمجال تعلم الآلة ووضحت لك المفاهيم الأساسية لتنطلق في رحلة تعلم الآلة والانتقال إلى مواضيع وتطبيقات عملية حتى دخول سوق العمل.
#oqpahameedq
تعليقات
إرسال تعليق